لا تحزن فإن ربك غافر الذنب قابل التوب
ألا يشرح صدرك , ويزيل همك وغمك , ويجلب سعادتك , قول ربك جلَّ في علاه :(( قُلْ يا عِبَادِيَ الّذينَ أسْرفوا على أنْفسهِمْ لا تقنطوا مِن رحمة اللهِ إنَّ الله يغفرُ الذّنوب جميعاً إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم )) ؟! فخاطبهم ب " يا عبادي " تأليفاً لقلوبهم وتأنيساً لأرواحهم , وخصَّ الذين أسرفوا لأنهم المكثرون من الذنوب والخطايا فكيف بغيرهم ؟! ونهاهم عن القنوط واليأس من المغفرة , وأخبر أنَّه يغفر الذَّنوب كلها لمن تاب كبيرها وصغيرها دقيقها وجليلها .. ثم وصف نفسه بالضمائر المؤكدة و" أل " التعريف التي تقتضي كمال الصفة فقال : (( إنَّهُ هُوَ الغفورُ الرَّحيم ))
ألا تسعد وتفرح بقوله جلَّ في علاه : (( والذَّينَ إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنْفُسَهُم ذكروا اللهَ فاستغفروا لذنوبِهِم ومن يغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللهُ ولم يُصِّرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون ))؟!
وقوله جلَّ في علاه : (( ومن يعمل سوءاً أو يظلمْ نفسهُ ثمَّ يستغفِرِ اللهَ يجِدِ اللهَ غفوراً رحيماً ))؟!
وقوله : (( إنْ تجتنبوا كبائرَ ما تُنْهَوْنَ عنْه نكفِّرْ عنْكُم سيِّئاتِكُم ونُدْخِلْكُم مُدخلاً كريماً ))؟!
وقوله عزَّ من قال : (( ولو أنَّهم إذْ ظلموا أنْفسَهُمْ جاءُوكَ فاستغفروا اللهَ واستغفرَ لهمُ الرَّسولُ لوجدوا الله توَّاباً رحيماً ))؟!
وقوله تعالى : (( وإنِّي لغفَّارٌ لمن تابَ وآمنَ وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى ))؟!
ولما قتل موسى عليه السلام نفساً قال : ربِّ اغفر لي. فغفرَ له .
وقال عن داود بعدما تاب وأناب : (( فَغفرنا لهُ ذلك وإنَّ له عندَنا لَزلْفَى وحُسْنَ مآب )) .
سبحانه ما أرحمه وأكرمه !! .. حتى إنَّه عرض رحمته ومغفرته لمن قال بالتثليث .. فقال عنهم : (( لقد كفر الذَّين قالوا إنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثةٍ وما منْ إلهٍ إلَّا إلهٌ واحدٌ وإنْ لم ينْتهوا عمَّا يقولونَ لَيَمَسَّنَّ الذَّينَ كفروا منهم عذابٌ أليمٌ (73)أفلا يتوبون إلى اللهِ ويستغفرونه واللهُ غفورٌ رحيمٌ ))
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه : (يقول الله تبارك وتعالى :" يا ابن آدم إنَّك ما دعوتَني ورجوتني إلا غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلَغَتْ ذنوبُك عنان السماء ثمَّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي , يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيْتني لا تشركَ بي شيئاً , لأتيتك بقرابها مغفرة ")
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : ( إنَّ الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيءُ النَّهار , ويبسط يده بالنَّهار ليتوب مسيءُ الليل , حتى تطلعَ الشَّمسُ من مغربها )
وفي الحديث القدسي : (يا عبادي , إنَّكم تخطئون باللَّيل والنَّهار , وأنا أغفر الذنوب جميعاً , فاستغفروني أغفر لكم )
وفي الحديث الصحيح : ( والذي نفسي بيده , لو لم تذنبوا لذهب اللهُ بكم ولَجاء بقوم يذنبون , فيستغفرون الله , فيغفر لهم )
وفي حديث صحيح : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لَخِفْتُ عليكم ما هوَ أشدُّ من الذَّنب , وهو العُجْب )
وفي الحديث الصحيح : ( كلكم خطَّاء , وخير الخطَّائينَ التوابون )..
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : ( الله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه , من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانقلبت منه , وعليها طعامه وشرابه فأَيِسَ منها , فأتى شجرةً فاضطجع في ظِّلِّها قد أيس من راحلته , فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها قد قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح )
وصح عنه صلى الله عليه وسلم : ( إنْ عبداً أذنب ذنباً فقال : اللَّهم اغفر لي ذنبي , فإنَّه لا يغفر الذَّنوب إلا أنت , ثم أذنب ذنباً فقال : اللهم اغفر لي ذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ,ثم أذنب ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت , فقال اله عز وجل : علم عبدي أن له ربَّاً يأخذ بالذنب , ويعفو عن الذنب , فليفعل عبدي ما يشاء )
والمعنى : ما دام أنه يتوب ويستغفر ويندم , فإني أغفر له
اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولا تعذبنا فإنك علينا قادر .. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطئنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .. آمين آمين آمين وصلي اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين ....