أزهارٌ ذابلة
************
قبل قليل كنا معاً في حديقة الحياة , كنّا نقطف سوياً من أزهار أيامها و أغصان سنينها
يأتي الخريف بكل صمت .. تذبل الأزهار و تسقط الأوراق ..أما الأغصان فتبقى للذكرى
هناك لنا صورة ..و على ذلك الدرب كم مشينا .. وفي هذا المكان كنا جالسين نتحدث عن المستقبل و الآمال و الطموحات بين هنا و هناك .. ذهب كلّ شيء و أصبح من الذكريات
إنّ العين لتدمع على وداع الأحبة , و إن القلب لينزف من ألم الفراق
وأحبةٌ عشت الحياة بظلّهم —– إنّ الحياة بدونهم لا تذكر
لكن إذا سبقنا الأحبة إلى هناك ..إلى العالم الآخر ..فإنا غداً بهم لاحقون وإذا نسينا الموت فهو لن ينسانا
و يبقى أقرب غائب ننتظره هو : الموت
كلّ واحد منا جرّب أو سيجرب هذا الموقف : موت صديق أو أخ أو أب أو أم أو زوجة …..
ولولا أنّ الموت حق و أنّه من مشيئة رب العالمين .. لفقدنا عقولنا و ظللنا نذرف الدموع طويلاً
لكن الحمد لله على نعمة الإسلام التي أنعم بها علينا
يموت أعزّ الناس بالنسبة لنا ..ونبقى نقول : الحمد لله على كل حال ..قدّر الله و ما شاء فعل ..لاحول ولا قوة إلا بالله
إنّا لله و إنا إليه راجعون
قد مررت بهذا الموقف و فقدت أعز و أغلى صديق بالنسبة لي بعد صراعه مع ذلك المرض الخبيث أكثر من سنة – رحمه الله و جمعني به في الفردوس الأعلى -
و من دفتر ذكرياته قبل انتقاله إلى العالم الآخر , كانت له هذه الكلمات
(( لحظات مع الموت ))
كيف أنتِ حياتي .. لحظاتٌ تمر على الدنيا مرّ السحاب
أجري فيها عنان أملي مغمض العينين
فتأخذني عثرات أجلي و تضربني أمواج البلاء
فيملك نفسي اليأس و ينال مني الخوف
أجلس وحيداً خلف أسوارٍ مظلمة
أفتح عيناي على سكرة الموت
تخاطبني نفسي :
أين نساؤك اليوم تلهيك عن لحظة الموت ..؟!
أين علمك اليوم يشفيك من أنفاس الموت ..؟!
و هل تسكرك كؤوس الدنيا عن سكرة الموت ..؟!
هل تشتريه اليوم بمالك ..؟!
فأبكي و تذيب جسدي الأحزان
الموت .. أشعر به يرتقب
يلامس جسدي و يقترب
فيقتلني الأسف و تبكي نفسي على نفسي
تحترق في عينيّ الدموعُ
في كل دمعةٍ ..
حسرة ..
كيف أنتِ حياتي
سكرتُ فيها سكر الضلالة ..هربتُ خلف أسوارها الفانية
أغرتْ عيناي حتى تشوقت لها
عيشٌ قصير …
كان للموت مئة طريق و طريق
كان زادي قليلاً رغم طول الطريق ..
سبقتُ الريح إلى شهواتي
ركضتُ إليها ركض الوحوش
حتى إذا ارتشفتها
ألقيت عليها أعذاري و رميتها في بحر عيوبي
حتى تثاقلت عليّ ذنوبي
كريشةٍ تحملُ جبالاً
و تمايلتُ مع كلّ ريحٍ
حتى وقعتُ في ظلمةِ قبري
هربتْ مني ذاتي
و فرّ من نفسي شيطانها
تركوني وحيداً
آهٍ .. يالوحشةِ القبور
و أنا لا أدري من القرآن إلا رسمه
و لا من الإسلامِ إلا اسمه
فأبكي بكاء اليتيم
و لمن أصرخ ببكائي
و لمن أنادي بدمعاتي
ربٌّ رحيمٌ قد يسّر
حتى ظننته قد غفر
طلبتهُ فوجدتهُ
و طلبني … فما وجدني
أعطاني الكثير فتكبرت
و ابتلاني القليل فكفرت
طلب مني القليل فتوليت
و طلبتني الدنيا فملّكتها نفسي
ذكرتُ الدنيا في فرحتي
و ذكرته في بكائي
فسلّمني من الشرِّ
و سلّمته إلى النسيان
هربتُ منه و ما هرب مني
فتح لي الجنة باباً
فأغلقتهُ و فتحتُ للنارِ كلّ باب
نفسي
كيف تناديه اليوم و قد تجاهلته كلّ السنين
كيف غرّتكِ رحمةٌ منه و لم تعنيكِ قوةٌ له
جبّارٌ خلقَ الجبالَ و السبعة
أفأمنتِ أنْ تعجزيه
أماتَ أساطيرَ و فراعين
أفأمنتِ أنْ تبعديه
حرامٌ عليكِ نفسي
فذوقي اليوم ناركِ
أو أبكي بكاء التائبين
و سواءً ..
فلنْ تزيدَ النارُ ولعاً
و لا الجنةُ وروداً و ياسمين
———————–
لحظات مع الموت … بقلم المرحوم : شادي أحمد – رحمه الله و أدخله فسيح جناته -
************
قبل قليل كنا معاً في حديقة الحياة , كنّا نقطف سوياً من أزهار أيامها و أغصان سنينها
يأتي الخريف بكل صمت .. تذبل الأزهار و تسقط الأوراق ..أما الأغصان فتبقى للذكرى
هناك لنا صورة ..و على ذلك الدرب كم مشينا .. وفي هذا المكان كنا جالسين نتحدث عن المستقبل و الآمال و الطموحات بين هنا و هناك .. ذهب كلّ شيء و أصبح من الذكريات
إنّ العين لتدمع على وداع الأحبة , و إن القلب لينزف من ألم الفراق
وأحبةٌ عشت الحياة بظلّهم —– إنّ الحياة بدونهم لا تذكر
لكن إذا سبقنا الأحبة إلى هناك ..إلى العالم الآخر ..فإنا غداً بهم لاحقون وإذا نسينا الموت فهو لن ينسانا
و يبقى أقرب غائب ننتظره هو : الموت
كلّ واحد منا جرّب أو سيجرب هذا الموقف : موت صديق أو أخ أو أب أو أم أو زوجة …..
ولولا أنّ الموت حق و أنّه من مشيئة رب العالمين .. لفقدنا عقولنا و ظللنا نذرف الدموع طويلاً
لكن الحمد لله على نعمة الإسلام التي أنعم بها علينا
يموت أعزّ الناس بالنسبة لنا ..ونبقى نقول : الحمد لله على كل حال ..قدّر الله و ما شاء فعل ..لاحول ولا قوة إلا بالله
إنّا لله و إنا إليه راجعون
قد مررت بهذا الموقف و فقدت أعز و أغلى صديق بالنسبة لي بعد صراعه مع ذلك المرض الخبيث أكثر من سنة – رحمه الله و جمعني به في الفردوس الأعلى -
و من دفتر ذكرياته قبل انتقاله إلى العالم الآخر , كانت له هذه الكلمات
(( لحظات مع الموت ))
كيف أنتِ حياتي .. لحظاتٌ تمر على الدنيا مرّ السحاب
أجري فيها عنان أملي مغمض العينين
فتأخذني عثرات أجلي و تضربني أمواج البلاء
فيملك نفسي اليأس و ينال مني الخوف
أجلس وحيداً خلف أسوارٍ مظلمة
أفتح عيناي على سكرة الموت
تخاطبني نفسي :
أين نساؤك اليوم تلهيك عن لحظة الموت ..؟!
أين علمك اليوم يشفيك من أنفاس الموت ..؟!
و هل تسكرك كؤوس الدنيا عن سكرة الموت ..؟!
هل تشتريه اليوم بمالك ..؟!
فأبكي و تذيب جسدي الأحزان
الموت .. أشعر به يرتقب
يلامس جسدي و يقترب
فيقتلني الأسف و تبكي نفسي على نفسي
تحترق في عينيّ الدموعُ
في كل دمعةٍ ..
حسرة ..
كيف أنتِ حياتي
سكرتُ فيها سكر الضلالة ..هربتُ خلف أسوارها الفانية
أغرتْ عيناي حتى تشوقت لها
عيشٌ قصير …
كان للموت مئة طريق و طريق
كان زادي قليلاً رغم طول الطريق ..
سبقتُ الريح إلى شهواتي
ركضتُ إليها ركض الوحوش
حتى إذا ارتشفتها
ألقيت عليها أعذاري و رميتها في بحر عيوبي
حتى تثاقلت عليّ ذنوبي
كريشةٍ تحملُ جبالاً
و تمايلتُ مع كلّ ريحٍ
حتى وقعتُ في ظلمةِ قبري
هربتْ مني ذاتي
و فرّ من نفسي شيطانها
تركوني وحيداً
آهٍ .. يالوحشةِ القبور
و أنا لا أدري من القرآن إلا رسمه
و لا من الإسلامِ إلا اسمه
فأبكي بكاء اليتيم
و لمن أصرخ ببكائي
و لمن أنادي بدمعاتي
ربٌّ رحيمٌ قد يسّر
حتى ظننته قد غفر
طلبتهُ فوجدتهُ
و طلبني … فما وجدني
أعطاني الكثير فتكبرت
و ابتلاني القليل فكفرت
طلب مني القليل فتوليت
و طلبتني الدنيا فملّكتها نفسي
ذكرتُ الدنيا في فرحتي
و ذكرته في بكائي
فسلّمني من الشرِّ
و سلّمته إلى النسيان
هربتُ منه و ما هرب مني
فتح لي الجنة باباً
فأغلقتهُ و فتحتُ للنارِ كلّ باب
نفسي
كيف تناديه اليوم و قد تجاهلته كلّ السنين
كيف غرّتكِ رحمةٌ منه و لم تعنيكِ قوةٌ له
جبّارٌ خلقَ الجبالَ و السبعة
أفأمنتِ أنْ تعجزيه
أماتَ أساطيرَ و فراعين
أفأمنتِ أنْ تبعديه
حرامٌ عليكِ نفسي
فذوقي اليوم ناركِ
أو أبكي بكاء التائبين
و سواءً ..
فلنْ تزيدَ النارُ ولعاً
و لا الجنةُ وروداً و ياسمين
———————–
لحظات مع الموت … بقلم المرحوم : شادي أحمد – رحمه الله و أدخله فسيح جناته -
هل ترانا نلتقي أمْ كانتِ اللقيا على أرضِ السرابِ
عدل سابقا من قبل سامي أحمد في السبت أغسطس 22, 2009 12:47 pm عدل 1 مرات